سورة القيامة - تفسير سورة القيامة
سورة القيامة هي سورة مكية، ترتيبها في القرآن الكريم 75 بين سورة المدثر و سورة الإنسان، عدد آياتها 40 آية، عدد كلماتها 164 كلمة، عدد حروفها 664 حرفا، تبدأ بأسوب القسم (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ).
محتويات الموضوع:
سورة القيامة مكتوبة:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25) كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30) فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)
سورة القيامة مقروءة
تفسير سورة القيامة:
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1): إِذا كان المقسم عليه مُنْتَفِيًا جاز الْإتيَان بِلَا قَبْل الْقَسَم لِتَأْكِيدِ النَّفْي وَالْمُقْسَم عَلَيْهِ هَهُنَا هُوَ يوم البعث.
وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2): وهي النفس الَّتِي تَلُوم صَاحِبهَا عَلَى الْخَيْر وَالشَّرّ وَتَنْدَم عَلَى مَا فَاتَ.
أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3): أيضن الإنسان أن الله تعالى غير قادر علَى إِعَادَة عِظَامه وَجَمْعهَا مِنْ أَمَاكِنهَا الْمُتَفَرِّقَة.
بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4): وَالظَّاهِر مِنْ الْآيَة أَنَّ قَوْله تَعَالَى " قَادِرِينَ " حَال مِنْ قَوْله تَعَالَى " نَجْمَع" أَيْ أَيَظُنُّ الْإِنْسَان أَنَّا لَا نَجْمَع عِظَامه ؟ بَلَى سَنَجْمَعُهَا قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانه أَيْ قُدْرَتنَا صَالِحَة لِجَمْعِهَا وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَاهُ أَزْيَد مِمَّا كَانَ فَتُجْعَل بَنَانه وَهِيَ أَطْرَاف أَصَابِعه مُسْتَوِيَة.
بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5): " لِيَفْجُر أَمَامه " يَعْنِي الْأَمَل يَقُول الْإِنْسَان أَعْمَل ثُمَّ أَتُوب قَبْل يَوْم الْقِيَامَة وَيُقَال هُوَ الْكُفْر بِالْحَقِّ بَيْن يَدَيْ الْقِيَامَة.
يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6): أَيْ يَقُول مَتَى مِيعَاد يَوْم الْقِيَامَة وَإِنَّمَا سُؤَاله سُؤَال اِسْتِبْعَاد لِوُقُوعِهِ وَتَكْذِيب لِوُجُودِهِ.
فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7): الْمَقْصُود أَنَّ الْأَبْصَار تَنْبَهِر يَوْم الْقِيَامَة وَتَخْشَع وَتَحَار وَتَذِلّ مِنْ شِدَّة الْأَهْوَال وَمِنْ عِظَم مَا تُشَاهِدهُ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْأُمُور.
وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8): أي وذهب ضوء القمر.
وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9): وهما لم يجتمعا منذ خلقهما الله تعالى، فيجمع الله بينهما يوم القيامة، ويخسف القمر، وتكور الشمس.
يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10): أَيْ إِذَا شاهد الإنسان هذه الْأَهْوَال يَوْم الْقِيَامَة حِينَئِذٍ يُرِيد أَنْ يَفِرّ وَيَقُول أَيْنَ الْمَفَرّ أَيْ هَلْ مِنْ مَلْجَإٍ أَوْ مَوْئِل.
كَلَّا لَا وَزَرَ (11): أَيْ لَا نَجَاة، و لَيْسَ لَكُمْ مَكَان تَعْتَصِمُونَ فِيهِ.
إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12): أَيْ الْمَرْجِع وَالْمَصِير.
يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13): أَيْ يُخْبَر بِجَمِيعِ أَعْمَاله أَوَّلهَا وَآخِرهَا قَدِيمهَا وَحَدِيثهَا صَغِيرهَا وَكَبِيرهَا.
بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14): أيْ هُوَ شَهِيد عَلَى نَفْسه عَالِم بِمَا فَعَلَهُ وَلَوْ اِعْتَذَرَ وَأَنْكَرَ.
وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15): وَلَوْ جَادَلَ عَنْهَا و اِعْتَذَرَ يَوْمئِذٍ بِبَاطِلٍ لَا يُقْبَل مِنْهُ.
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16): كَانَ رَسُولِ الله صَلَّ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جاءه جبريل بالوحي يُسَابِقه إِلَى أَخْذه و قِرَاءَته فَأَمَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِذَا جَاءَهُ الْمَلَك بِالْوَحْيِ أَنْ يَسْتَمِع لَهُ وَتَكَفَّلَ اللَّه لَهُ أَنْ يَجْمَعهُ فِي صَدْره وَأَنْ يُيَسِّرهُ لِأَدَائِهِ عَلَى الْوَجْه الَّذِي أَلْقَاهُ إِلَيْهِ وَأَنْ يُبَيِّنهُ لَهُ وَيُفَسِّرهُ وَيُوَضِّحهُ.
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17): أَيْ فِي صَدْرك وَقُرْآنه أَيْ أَنْ تَقْرَأهُ.
فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18): أَيْ إِذَا تَلَاهُ عَلَيْك الْمَلَك فَاسْتَمِعْ لَهُ ثُمَّ اِقْرَأْهُ كَمَا أَقْرَأَك.
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19): أَيْ بَعْد حِفْظه وَتِلَاوَته نُبَيِّنهُ لَك وَنُوَضِّحهُ وَنُلْهِمك مَعْنَاهُ عَلَى مَا أَرَدْنَا وَشَرَعْنَا.
كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20): أَيْ إِنَّمَا يَحْمِلهُمْ عَلَى التَّكْذِيب بِيَوْمِ الْقِيَامَة وَمُخَالَفَة مَا أَنْزَلَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُوله صَلَّ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْي الْحَقّ وَالْقُرْآن الْعَظِيم.
وَتَذَرُونَ الْآَخِرَةَ (21): إِنَّهُمْ إِنَّمَا هِمَّتهمْ إِلَى الدَّار الدُّنْيَا الْعَاجِلَة وَهُمْ لَاهُونَ مُتَشَاغِلُونَ عَنْ الْآخِرَة.
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22): مِنْ النَّضَارَة أَيْ حَسَنَة بَهِيَّة مُشْرِقَة مَسْرُورَة.
إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23): أَيْ تنظر إلى ربها و تَرَاهُ عِيَانًا.
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24): وُجُوه الْفُجَّار تَكُون يَوْم الْقِيَامَة معبسة ومكدرة.
تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25): أَيْ تَسْتَيْقِن أَنْ يُفْعَلَ بها عذاب أليم و أَنَّهَا هَالِكَة.
كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26): يُخْبِر تَعَالَى عَنْ حَالَة الِاحْتِضَار وَمَا عِنْدهَا مِنْ أَهْوَال. و التَّرَاقِي جَمْع تَرْقُوَة وَهِيَ الْعِظَام الَّتِي بَيْن ثُغْرَة النَّحْر وَالْعَاتِق.
وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27): أَيْ مَنْ رَاقٍ يَرْقِي
وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28): أي أيقن بمفارقته الدنيا.
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29): أي اِجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ، و اِلْتَفَّتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، النَّاس يُجَهِّزُونَ جَسَده وَالْمَلَائِكَة يُجَهِّزُونَ رُوحه.
إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30): أَيْ الْمَرْجِع وَالْمَآب
فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31): أي لا آمن بالله و لا صَلَّى.
وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32): أي مُكَذِّبًا لِلْحَقِّ بِقَلْبِهِ مُتَوَلِّيًا عَنْ الْعَمَل بِقَالِبِهِ.
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33): أَيْ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَخْتَال و يَتَبَخْتَر.
أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35): وَهَذَا تَهْدِيد شديد وَوَعِيد أَكِيد مِنْ اللَّه تَعَالَى لِلْكَافِرِ بِهِ الْمُتَبَخْتِر فِي مَشْيه.
أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36): أي أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أن يترك في الدُّنْيَا مُهْمَلًا لَا يُؤْمَر وَلَا يَنْهَى و يترك في قبره لَا يُبْعَث بَلْ هُوَ مَأْمُور مَنْهِيّ فِي الدُّنْيَا مَحْشُور إِلَى اللَّه يوم القيامة.
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37): أَيْ أَلَمْ يَكُن الْإِنْسَان نُطْفَة ضَعِيفَة مِنْ مَاء مَهِين يُرَاق مِنْ الْأَصْلَاب فِي الْأَرْحَام.
ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39): أَيْ فَصَارَ عَلَقَة ثُمَّ مُضْغَة ثُمَّ شُكِّلَ وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوح فَصَارَ خَلْقًا آخَر مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى.
أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40): بلى إنه على كل شيء قدير.
وهكذا نكون قد أتممنا تفسير سورة القيامة، فإن أصبنا فبفضل الله، و إن أخطأنا فمن أنفسنا.
0 تعليقات